اليوم . .
تذكَّرتُ أَنَّـنـي نسيتُ أَن أُحبَّ !
وأَنَّـني لا أَعرفُ عن هذا الـتـوتِّـر الجميلِ . . سوى قصصٍ يتداولها الأَصدقاءُ أَحيانًـا . . وبعضِ الظنونِ التي كانت تراودني . .
حين تبتسمُ أَمامي صبـيَّـةٌ في الطريقِ
أَو حين أُصادفُ أُخرى في يومٍ واحدٍ . .
مرَّتـيْـن ولأَنَّـني أَعرفُ ملامحَ وحدتي جيِّدًا . .
ولأَنَّـني أُدركُ دِقَّـةَ الحياةِ في رسمِ الأَماني . .
فقد ظلَّت الظنونُ ظنونًـا . .
وحافظتْ على أَناقتها حيرتي . .
بالابتعاد ! وتذكرتُ أَيضًا . .
أَنَّ للسماءِ لونينِ لا يجتمعان إِلَّا حين يكون الجوُّ غائِمًا جزئـيًّـا فالرماديُّ فرحةُ شتلةٍ لا تعرفُ كيفَ يكونُ إِعلانُ الظمأ !
والأَزرقُ ملاذُ الحالمِ الذي لا يعرفُ كيفَ يتصالحُ مع أُمنياتِـهِ . .
في بياضِ الأَرضِ . .
وغربةِ التراب ! وبين هذا وذاكَ . .
كنتُ طفلًا أُخـبِّـئُ قلبي بِـعُشٍّ افتراضيٍّ عالقٍ على شجرةٍ كبرتُ في البحثِ عنها . .
ولمَّـا أَزل ! أَخجلُ حينَ يقعُ ظِـلِّـي على بُـقعةٍ . . فيحرمُها من نصيبها من الشمس ! وأَخجلُ في الساعاتِ الماطرةِ . . حين تمتصُّ "كنزتي" نصيبَ الأَرضِ من ماءِ السماء !
لم أَفهم اللونينِ . .
فصرتُ ليلًا لكي أَهربَ من مُحادثةِ التقلُّباتِ في اللونِ والمناخ دائِما . .
تُـبـعـثرني - بضجيجها - النهاراتُ . .
ودائِما . . تُلملمني سويعاتُ السهر !
أَذكرُ أَنَّـني سأَلتُ كثيرًا عن امرأَةٍ غريبةٍ كتلكَ التي تكونُ عادةً مُختبئةً في حدثٍ بسيط تلك التي تظهرُ فجأَةً كجملةٍ لافتةٍ في حديثٍ قصير أَكتشفُها مصادفةً . .
كما تكتشفُ البذرةُ التائهةُ . .
حفنةً من تراب ! وقلتُ :
أَرسمُ فضاءً يليقُ بقدميها . .
لكي تتجوَّلَ في المعاني كُلَّ ليل . . !
أُقلِّبُ المساحاتِ على جبينها . .
لكي تختلسَ السماءُ من عينيها . .
لذَّةَ اللونِ . . وكبرياءَ المطر . . !
أَتفقَّدُ خُصلاتِ شعرها . .
كلما داهمتْـها نسمةٌ أَضاعتْ أُمَّها في عاصفةٍ ماجنةٍ وجاءتْ تلهثُ باحثةً عن محاريبِ الخشوع . . !
أُعيدُ ترتيبَ رموشها حين تغفو . .
ثم أَتركهم يتعانقون . .
بِـأُلفةِ السنابلِ . .
وانحناءاتِ الشفاه . . !
أَقولُ فيها قصيدةً . .
تَمحو الفوارقَ بين روحها . .
والشعر . . !
ثم تحملها على وترٍ فقدَ صوابَـهُ . .
وأَعصابَـهُ هجرَ القوافي لكي يَصيغَها بأَنفاسِ ملحمةٍ لا يُـقـيِّـدُها فجرٌ أَو غروب . . !
فَـأُقنعُ الحياةَ بأَنَّـني لم أَكن فراغًـا جاهزًا للاختفاء ولا ليلًا مقيمًا في تفاصيلِ السواد لم أَكن شيئًـا غريبًـا لا مكانَ لهُ في المداراتِ السريعةِ لكنني . . لم أَفهم اللونين . . !
فظلَّتْ شُرفتي خاليةً من الشموسِ والظلال نسيتُ أَنَّ العُـشَّ يَـتمرَّدُ على جاذبيةِ الأَرض ِ. . كُلَّما استطالت الأَغصان نسيتُ أَنَّ الشجرَ يكبرُ وحدَهُ . .
وأَنـا صغير ونسيتُ أَيضًا . .
أَن أُحبَّ المرأَةَ الغريبة